مظاهر ضعف التلاميذ في الكتابة وأسباب ذلك:
لما كانت الكتابة هي المحور الأخير لمهارات اللغة العربية فهي تشكل ميداناً فسيحاً يصب فيه الطلاب ما تعلموه عبر فنون اللغة الأخرى من: استماع ,وقراءة, وتحدث , وعبر فروعها المختلفة . ومع كل هذه الأهمية للكتابة -خصوصاً لطلاب المرحلة المتوسطة - إلا أن كثيراً من الدراسات كشفت عن تدني في مستوى الطلاب في تملك مهارات الكتابة بسبب عدم إتقانهم لمهاراتها ومن هذه الدراسات : دراسة القيسي ( 1986 ) ودراسة الظفيري ( 2002 ) , ودراسة الزهراني ( 2000 ) , والخولي ( 2004 ) , ودراسة الخرماني ( 2005 ) , عبدالكريم ( 2005), حيث أكدت هذه الدراسات عن وجود مشكلات حقيقية لدى الطلبة تتمثل في : وقوع الطلبة في الأخطاء النحوية والصرفية , والإملائية , والترقيمية وذلك من حيث قلة أو انعدام استخدام علامات الترقيم في الكتابة, وعدم قدرة الطلبة على تحديـد أفكــار الموضوع وعنـاصره , وعدم القدرة على ترتيب الأفكار, بالإضافة إلى سوء في الأسلوب , وقصور في الربط بين الجمل والفقرات والتنسيق بينها, اختيار ألفاظ غير ملائمة للمعنى , وعدم صحة البناء للجملة ,واستخدام الألفاظ العامية في الكتابية, وسوء الخط , وتنظيم شكل الكتابة , ومشكلة اختيار موضوع الكتابة ؛حيث يكون لدى الطلاب صعوبة شديدة في اختيار المواضيع المناسبة للكتابة بسبب الفقر الثقافي , وعدم الوعي بالأحداث الجارية ومتابعتها فضلاً عن اعتياد الطلاب على قيام المعلم بهذا الدور , وعلى كلٍ فمظاهر ضعف الطلاب متعددة وكثيرة يمكن إجمال هذه المظاهر في النواحي الشكلية, والتنظيمية,وفي نواحي الأفكار والألفاظ والعبارات للكتابة , ويمكن تقسيم بعض الأسباب المؤدية لضعف الطلاب في امتلاك مهارات الكتابة إلى :
أولاً : أسباب تتعلق بخصائص اللغة المكتوبة :
يمكن إجمال عدد من الصعوبات أو المشكلات كما وردت عند : سمك (1986 م ) , و شحاتة (1996) , و أحمد ( 1997) , و مجاور (1418 هـ ) , ورسلان(2005 ) وشلبي ؛ وموسى ( 2007 ) , في التالي :
1. نظام الحركات ( التشكيل ) :
اللغة العربية تنفرد بهذا النظام وتتميز به عن غيرها , والمقصود بنظام الحركات (الشكل) هو : وضع الحركات -الضمة , والفتحة , والكسرة - على الحروف وهو يكون المصدر الأول من مصادر الصعوبة . فإذا وجد الطالب أمامه لفظة " علم " حار فيها إذا كانت " عَلِم , أو عَلّمَ أو عُلِمَ , أو عِلْم , أو عَلَم " ( شحاتة , 1996 م , ص 316 ) .
2. قواعد الإملاء :
يمكن تلخيص المشكلات في قواعد الإملاء في التالي :
أ)- الفرق بين رسم الحرف وصوته .
المفروض في نظام الكتابة السهلة أن رسم الحروف يكون مطابقا لأصواتها , بحيث إن كل ما ينطق يكتب و ومالا ينطق لا يكتب , ولكن تجد أن الكتابة العربية لا تتبع ذلك المفروض في بعض كلماتها . فقد زيدت أحرف لا ينطق بها في " أولئك – اهتدوا " . وحذفت أحرف ينطق بها في " ذلك – لكن – طه " . وحولت رسم الألف اللينة التي تكتب " ياْ " تارة , و" ألفا " تارة أخرى . ولا شك أن المطابقة بين الكتابة والنطق سوف تيسر الكتابة , وتوفر كثير من الوقت والجهد .( شحاتة , 1996 م , ص 317 )
ب)-ارتباط قواعد الإملاء بالنحو والصرف :
هذا العنصر يشكل عقبةً كبرى في مشكلات الكتابة العربية وعليه " فالطالب لا بد أن يعرف – قبل أن يكتب – أصل الاشتقاق , والموقع الإعرابي للكلمة , ونوع الحرف الذي يكتبه ... أضف إلى ذلك أن هناك كثيراً من الناس لا يدرسون قواعد النحو والصرف وعليهم أن يكتبوا . .( شحاتة , 1996 م , ص 317 ) .
3. تعقّد قواعد الإملاء وكثرة الاستثناء فيها :
ومن الأمثلة التوضيحية على ذلك مما يدل على كثرة القواعد الإملائية وكثرة الاستثناء فيها : " الهمزة المتوسطة مثلا هي إما متوسطة بالأصالة وإما متوسطة تأويلاً , ثم هي بعد ذلك ساكنة أو متحركة , والمتحركة متحركة بعد ساكن أو بعد متحرك , والساكن إما صحيح , وأما معتل , والمتحرك من الهمزة أو مما قبلها مضموم أو مفتوح أو مكسور , ولكل حالة من هذه الحالات قاعدة , ولكل قاعدة –غالبا – استثناء " ( شحاتة , 1996 م , ص 318 ) .
4. الاختلاف في قواعد الإملاء :
من أسباب الصعوبة كثرة اختلاف العلماء في قواعد الإملاء واضطرابهم فيها ؛ لذلك تتعدد القواعد ويصعب رسمها , واختلفت الكتابة بين الأفراد وبين الشعوب العربية , فالهمزة المتوسطة في كلمة " يقرؤون " مثلا ترسم على ثلاثة أوجه : يقرؤون , يقرأون , ويقرءون . وكلها رسم صائب . .( شحاتة , 1996 م , ص 318 )
5. الاختلاف في صورة الحرف باختلاف موضعه في الكلمة ( تشابه الحروف ).
الحرف في اللغة العربية تعدد صوره على أربع حالات هي على النحو التالي :
· حروف تبقى على صوره واحدة . مثل : الدال , الذال , الراء ,الزاء ,الطاء , والظاء . والواو .
· حروف تأتي على صورتان : مثل : الباء , والتاء , الثاء , والجيم ,والحاء والخاء , والسين والشين , والصاد , والضاد , والقاف , واللام و والنون , والياء .
· حروف تأتي على ثلاث صور . مثل : الكاف , والميم .
· حروف تأتي على أربع صور . مثل : العين , والغين , والهاء .
ومعلوم أن تعدد صور الحرف في الكتابة " يربك المتعلم في بداية تعلمه ويوقعه في اضطراب نفسي ؛ إذ انه يجد للحرف صورتين أو أكثر " ( شحاتة , 1996 م , ص 319 ) .
6. تنقيط الحروف .
التنقيط هو أصغر وحدة كتابية ,الملاحظ أن نصف عدد حروف الهجاء منقطة . وأن عدد النقاط يختلف باختلاف الحروف المنقوطة , وأن وضع النقط يختلف باختلاف هذه الحروف أيضاً .وهذا التنقيط له أثر كبير في تغيير اللفظ إذا وضعت سهوا أو سقطت , وهذا الأمر أكدته دراسة الزهراني (2000 م ) حيث توّصل الباحث في نتائج الدراسة إلى إهمال عدد من الطلاب وضع النقاط في مكانها الصحيح الذي تعرف به الحروف ؛ حيث يُكتب نقاط على حروف لا تحتاجها , وتهمل كتابة نقاط تحتاجها الحروف .
7. وصل الحروف وفصلها :
تتكون الكلمات العربية من حروف يجب وصل بعضها , وأخرى يجب فصل بعضها عن بعض وبذلك تضيع معالم الحروف داخل الكلمة,حيث يقضي بترتيب بعض حروف الكلمة ترتيباً رأسياً والآخر ترتيباً أفقياً ويترتب على ذلك أن الطالب في الكتابة العربية يحتاج إلى معرفة موضع كل حرف من الحرفين المجاورين له وهذا ما يجعلها صعبة التذكر , وهذا أيضا ما توصل له الزهراني , (2000 م ) في دراسته من خلال كتابات الطلاب في المرحلة المتوسطة , والمرحلة الابتدائية .
8. استخدام الصوائت القصار :
ومن أمثلة ذلك إشباع حركة الفتحة , وإشباع صوت الضمة حيث تبور كصوت الواو مثل ( منه , تصير بعد الإشباع : منهو )
9. الإعراب :
الكلمة المعربة يتغير آخرها بتغير التركيب فالاسم المعرب ينصب ويرفع ويجر , والفعل المعرب يرفع وينصب ويجزم ويكون الإعراب تارة بالحركات وأخرى بالحروف وطوراً بالإثبات , وآخر بالحذف وغيرها . وهذه العوامل كلها تُؤثر على صورة الكلمة التي يحذف بعض حروفها وتكَّون مواطن الصعوبة أمام الطلاب لعدم درايتهم بها وهي عوامل نحوية أو صوتية لم يتعرض لها التلميذ قي فترات تعلم الهجاء .
ثانياً : أسباب أُخرى تتمثل في :
1- قلة الربط فيما بين القراءة والكتابة, فالكتابة لا تُجود إلا بكثرة القراءة , والعكس صحيح .
2- عدم التنوع المادة المقروءة .
3- قلة الكتابة, والتدريب عليها .
4- سوء اختيار الموضوعات من قبل بعض المدرسين .
5- عدم ربط تعليم مهارات الكتابة ببقية فروع اللغة . ( إبراهيم , 1966 م, ص ص172-175) , ويرى أحمد( 1997 م) أيضاً عدم إفادة الطالب من الفرص المتاحة في بقية المواد الأخرى للتعلـم على مهارات الـكتـابة (ص ,234 ) .
6- القصور في منهج التعبير الكتابي ؛ حيث خلصت دراسة الحريشي ( 1412 هـ) إلى أن درجة تحقق الأهداف المرجوة في منهج التعبير في المرحلة المتوسطة قاصرة , ويعود ذلك إلى قصور إلى قصور متعلق بالأهداف , والمحتوى , وطريقة التدريس , والوسائل , والتقويم في مادة التعبير .
7- تقليص مجال التدريب على مهارات الكتابة في مناهج اللغة العربية , أو قلة التدريب عليها .
8- ضعف بعض المعلمين في توظيف تعليم مهارات الكتابة في درس التعبير الكتابي خاصة وفروع اللغة العربية الأخرى ؛ حيث أثبتت ذلك دراسة القحطاني ( 1417 هـ ) إلى ضعف الشديد لدى المعلمين- أفراد العينة الدراسة – في توظيفهم لمهارات التعبير الكتابي في تعليمهم لمقرر التعبير , كما أن بعض المعلمين لا ينّمون حصيلة الطلاب اللغوية , كما أن بعضهم لا يهتم بتصويب أخطاء الكتابة وشرح الأخطاء الجماعية للطلاب وكيفية تلافيها .
9- طريقة التدريس : حيث لا تتعدى طريقة تعليم مهارات الكتابة عند بعض المعلمين في كتابة العنوان على السبورة وترك الطلاب يكتبون ثم جمع الدفاتر والإتيان بها في الحصة القادمة , من دون مناقشة الطلاب حول الأخطاء الكتابية وتصحيحها .
المصدر: دكتور وجيه المرسي أبولبن أ/ حسين مريشيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق